كلمة “وحيدة”
ظهر بين المستعملين واللغويين من يمنع وصف الأنثى بكلمة “وحيدة”؛ فلا يجيز أن يقال:
فتاة وحيدة في الظرف
و لا:
هذه المرة الوحيدة التي زرتك فيها
الظن الخطأ
ماذا نقول يا سادتي؟
إذاً يقولون:
“قل وحِدة يا فتى”
فجربت أن أقول: “هذه فتاة وحدة في الظرف” و “هذه هي المرة الوحدة التي زرتك فيها”؛ فلم أجد ذلك سائغاً في حلقي و لا في ذوقي !
من أين جئتم بهذا ؟
قالوا: جئنا به من كتب اللغة ! فارجع إليها إن شئت.
فرجعت إلى القاموس فرأيت صاحبه يقول:
رجل وَحَد و أَحَد و وِحْد و وحيد و متوحد: منفرد، و “هي وحِدة
فقالوا : ألم نقل لك إنه وصف المؤنث على وَحِدة و لم يقل وحيدة؟
بيان وجه الصواب
قلت : نعم هذا صحيح، و لكني أعرف من ناحية أخرى أن وحيدا بمعنى فاعل، أي: متوحد، و أن كل فعيل إذا كان بمعنى فاعل لحقته تاء التأنيث قياسا؛ فأقول: كريم وكريمة، و عفيف وعفيفة؛ لا أحتاج إلى المعجمات.
ثم إني أعرف من ناحية ثانية أن أصحاب المعجمات لا ينصّون على ما كان قياسيا؛ و إلا صحبوا كل وصف لمذكر بمؤنثه.
ثم أعرف من ناحية ثالثة أن اللغويين إذا رأوا أن العرب خالفوا القياس في كلمة سارعوا إلى التنبيه عليها فقالوا مثلا “ولا تقل وحيدة”، و لكن صاحب القاموس لم يفعل هذا، و هو لم يذكر وحيدة لأن تأنيثها قياسيّ لا غبار عليه.
على أني حين أتمّ قراءة هذه المادة في القاموس نفسه أجده يقول بعد قليل:
والوحيدة من أعراض المدينة بينها و بين مكة
إذا فالعرب قد نطقوا بكلمة “الوحيدة” وسموا بها مكاناً بين مكة و المدينة، و هو علَم منقول من الصفة، ولو كانت كلمة “الوحيدة” مخالفة للغتهم ما استطاعوا أن ينطقوا بها.
و إذا يكون هؤلاء الذين يدّعون على المعجمات إنما يتعجلون في الحكم و يتسابقون إلى الهدم من غير فقه أو تمحيص.
والله الموفق
………………………………….
المصدر:
- ص 234 / 236 من جارميات.