كلمة “الفطور”
الظن الخطأ
قالوا لنا: إنها خطأ لا يصح أن تتداوله الألسنة بحال؛ فلا يصح أن تستعمل كلمة “الفطور” إلا لطعام الصائم عندما تغرب الشمس، أما في غير رمضان فطعام الصباح لا يسمى فطورا.
ولكننا ـ أيها السادة اللغويون ـ نحتاج إلى هذا الاسم أشد الحاجة وكيف تكون لنا لغة تصح أن تسمى لغة إذا لم يكن بها اسم لطعام الصباح !
قالوا: سمِّه غداء. سمِّ الفطور غداء؛ لأن القاموس يقول:
“والغداء طعام الغدوة”
و”الغدوة” أول النهار أو ما بين صلاة الفجر وطلوع الشمس.
قلت: إن الناس لا يقبلون أن تسموا لهم الفطور غداء.
قالوا: وما لنا وللناس؟ إننا نأخذ اللغة من نصوصها.
قلت: وبم تسمّون طعام ما بعد الظهر الذي يسميه الناس جميعاً غداء؟ قالوا سمها الكرزمة.
فلم أسغ الكلمة، وعلمت أن شيئاً ما من هذا الخلط لن يكون صحيحا فرجعت إلى المعجمات فماذا رأيت..؟
بيان وجه الصواب
عندما رجعت الى المعجمات رأيتها تقول:
“الفطر الشق، تقول: فطر فلان الحائط يفطره شقَّه.
والفطر البدء بالشيء، تقول: فطر الله السموات، أي: بدأ خلقها”.
فـ “الفَطر” للصائم، بفتح الفاء ـ وهو المصدر ـ و بكسرها ـ وهو الاسم ـ مأخوذ من هذين المعنيين.
فالصائم بفطره يشق الصوم، أي: يصدعه، أو يبتدئ الأكل بعد أن كان محظوراً.
والطعام الذي يبتدئ به يسمى فطوراً، لأن يكسر الصوم أو يجيء أول الطعام.
إمكان استعمال الكلمة
وإذا جاء الفطر والفطور في حديث أهل اللغة عن الصوم والصائم؛ ألا يسوغ لنا أن ننقله إلى غير الصائم ما دام الأصل اللغوي يعاضدها والحاجة إلى الكلمة تستحثنا؟
نعم يسوغ؛ إما على ضرب من المجاز بالاستعارة، وإما بإطلاق الخاص بتوسيع معناه، وإما بالرجوع إلى الأصل اللغوي المحض، لأن طعام الصباح وهو الفطور أول طعام يبتدئ به فهو من الفطر بمعنى “الابتداء”، أو لأنه يشق ما كان عليه الآكل طول الليل؛ فيكون من الفطر بمعنى الشق والصدع.
وتوافُق اللغات هنا عجيب جدا بين العربية والانجليزية فإن “فطور” يسمى بالإنجليزية “breakFast” أي “صدع الصيام”.
انتهينا إلى أن نسمي طعام الصباح فطوراً كما يسميه جميع الناس.
………………………………………
المصدر:
- جارميات